للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يجني على نفسه قبل أن يجني على بحثه وعلى قارئه.

والتساؤل السابق يبرز بصورة أكثر وضوحا في البحوث التي يخصصها أصحابها لدراسة الاختلافات، فغرض الباحث إذن النظر في اختلاف معين على راو بعينه، فما الذي يجعله يلتزم النظر في اختلاف أعلى، وقد عرفنا أن النقاد لم يلتزموا بذلك كله.

والجواب أن الباحثين في مقدروهم أن يسعهم ما وسع الأولين، فينصب جهد الباحث على دراسة اختلاف على مدار محدد، سيقوم -ولا بد- من أجل الوصول إلى نتيجة دقيقة فيه بدراسة الاختلافات النازلة عنه, أما ما فوقه فلا علاقة له به إلا من حيث تأثير المتابعات للمدار ومن فوقه على نتيجة النظر في الاختلاف عن المدار، كما سبق شرحه في المبحث الرابع من الفصل الثاني من هذا الباب، أما ما عدا ذلك فيدعه ويسكت عنه، فيكفيه أن يقول فيما إذا كان الاختلاف -مثلا- على أبي عوانة: والراجح هو الوجه الأول، أو الوجه الثاني، أو الوجهان محفوظان عن أبي عوانة، وتكون نتيجة بحثه معلومة يقدمها لباحث آخر يحتاج إليها.

غير أن الباحثين ألزموا أنفسهم, أو ألزمهم غيرهم كالأقسام العلمية في الجامعات، بما أثقل كاهلهم، وأدى إلى تضخيم حجم بحوثهم أحيانا، ألا وهو إعطاء القارئ نتيجة نهائية لدرجة الحديث كله، فهذا الالتزام يظنه البعض سهلا، فيكتبه في مقدمة بحثه، ويلزم نفسه بهذا الشرط، فإذا جاء إلى التطبيق العملي ضاق به ذرعا، إذ قد يكون ما أضافه زيادة على النظر في مداره الأساس

<<  <  ج: ص:  >  >>