للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جانب آخر كانوا يوصون من سئل عن شيء نسب إليه أن لا يبادر إلى نفيه، إن لم يتذكره في الحال، خشية أن يكون عنده فينفيه، ثم يقف عليه بعد ذلك في كتبه، أو يتذكره، فيصعب عليه أن يقر به بعد أن نفاه.

قال أبو موسى محمد بن المثنى العن‍زي: «قال لي عبدالله بن داود: لا تقل لشيء تسأله: إني لم أسمعه، فإني ابتليت به، سألني رجل مرة قال: سمعت من فلان؟ قلت: لا، وذكر أحاديث فقال: سمعت هذه منه؟ قلت: لا، فبينا أنا أقلب كتبي ذات يوم إذ ذكرت ما قال لي، فجعلت أتمنى أن لا أراه عندي، فإذا الشيخ عندي، ووجدت تلك الأحاديث عندي، فقلت: يا أبا عبدالرحمن تحدث عنه؟ فقال: لو حدثت عنه ما كان علي شيء فيما بيني وبين الله تعالى، لأن كتبنا أحفظ منا، وما أحب أن أحدث عنه بشيء» (١).

وقال عبدالرزاق: «قال لي وكيع: أنت رجل عندك حديث، وحفظك ليس بذاك، فإذا سئلت عن حديث فلا تقل: ليس هو عندي، ولكن قل: لا أحفظه» (٢).

وذكر أبو زرعة ما يعرض للراوي من النسيان، خاصة في التحديث من الحفظ، معتذرا بذلك عن أخطاء وقع فيها أبو بكر بن أبي شيبة، وصححها له: «يكون مثل هذا كثير، هذا علي بن المديني ذاكر بباب لعبدالرحمن بن مهدي في التسليم واحدة -وعبدالرحمن كان له في هذا باب- فقال علي: هذا كله كذب،


(١) «الكفاية» ص ٢٣١.
(٢) «الكفاية» ص ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>