له ذلك، فيقف على كلام ناقد ينص أو يشير فيه إلى هذا الاختلاف، وقد تقدم في المبحث الأول من الفصل الأول من هذا الباب الحديث عن التردد في عَدِّ تنوع الرواية عن راو من الرواة حديثا واحدا وقع فيه اختلاف، أو هما حديثان منفصلان، وذكرت هناك أن القارئ في «سنن النسائي»، يتعجب من سعة حفظ هذا الإمام، وقدرته على استحضار الارتباط بين الأسانيد.
وفي أقل الأحوال أن يكون الباحث قد دار في خلده أن تلك الرواية مرتبطة برواية أخرى عنده، فهو محتاج إلى النظر بينهما، يميل إلى عده اختلافا، غير أنه محتاج إلى من يدفعه قليلا إلى اعتماد هذا، فإذا ظفر بكلام ناقد وافق ما جال بخاطره، فقد ظفر بكنز ثمين، واطمأن إلى ما سيقوم به من عمل.
ومما يتصل بهذا أن الناقد ربما اكتفى بذكر وجهين أو ثلاثة من أوجه الاختلاف، والباحث وقف على أوجه أخرى، فهو بحاجة إلى من يرجح له دخولها في هذا الاختلاف، وقد يقف على هذا المرجح في كلام الناقد نفسه في مكان آخر، أو في كلام ناقد آخر، وهذا كثير جدا.
ومن الفوائد أيضا، أن كلام النقاد على الاختلافات هو في نفسه مورد معين للطرق نفسها، فالناقد ربما سرد طرقا للأوجه أو بعضها لم يقف عليها الباحث قبل ذلك، وليس هذا بالقليل، بل هو كثير جدا، بل ربما لم يقف الباحث على طرق للاختلاف أو لبعض الأوجه إلا من كلام الناقد، وقد تقدم الحديث عن هذا في الفصل الثالث من الباب الأول، وكذلك في الفصل الثالث من الباب الثالث، في المبحث الثاني منه.