للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذان احتمالان، والاحتمال الثالث أن يقوده النظر في الرواة عن المختلف عليه إلى ترجيح بعض الأوجه على الأوجه الأخرى، قاده إلى ذلك استخدامه لقرائن الموازنة والترجيح بين الرواة المختلفين، وهي قرائن كثيرة، ترجع في جملتها إلى حصول غلبة الظن بأن راوي الوجه الراجح قد حفظ ما حدث به عن شيخه المختلف عليه، وسأذكر ما وقفت عليه منها، على سبيل الإجمال، بضم النظير إلى النظير، وهي هذه:

[الأولى: الكثرة]

استخدم النقاد هذه القرينة على نطاق واسع جدا، ويمكن القول بأنها أكثر القرائن تداولا، بالتصريح أو التلميح، والترجيح بها أمر بدهي، فـ «العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد»، كما قال الشافعي (١).

وقال ابن المبارك: «الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثة: مالك، ومعمر، وابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان على قول أخذنا به، وتركنا قول الآخر» (٢).

وقال ابن معين: «أصحاب سفيان الثوري ستة: يحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح، وابن المبارك، والأشجعي، وعبدالرحمن بن مهدي، وأبو نعيم، ليس أحد من هؤلاء يحدث عن سفيان فيخالفه بعض هؤلاء الستة، فيكون القول قوله -


(١) «اختلاف الحديث» ص ١٢٧, و «شرح علل الترمذي» ١: ٤٢٥، و «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢: ٦٨٨، وانظر: «اختلاف الحديث» ص ٢٩٤, و «الأم» ٨: ٥٦٣.
(٢) «سنن النسائي الكبرى» حديث (٢٠٧٢)، و «العلل الكبير» ١: ٤٠٥، وفي النسخة سقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>