المسندات بها، لأن في الرواة من يسند حديثا يرسله غيره، ويكون الذي أرسله أحفظ وأضبط، فيجعل الحكم له.
وقد قال أحمد بن حنبل بمثل هذا فيما حدثت عن عبدالعزيز بن جعفر، قال: حدثنا أبو بكر الخلال، قال: أخبرني الميموني، قال: تعجب إلي أبو عبدالله ممن يكتب الإسناد، ويدع المنقطع، ثم قال: وربما كان المنقطع أقوى إسنادا
-أو أكبر- قلت: بينه لي، كيف؟ قال: يكتب الإسناد متصلا, وهو ضعيف، ويكون المنقطع أقوى إسنادا منه، وهو يرفعه، ثم يسنده، وقد كتبه هو على أنه متصل، وهو يزعم أنه لا يكتب إلا ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه: لو كتب الإسنادين جميعا عرف المتصل من المنقطع، يعني ضعف ذا، وقوة ذا» (١).
ومن يفعل ما ذكره أحمد يشبه من لا يلتفت إلى اختلاف الرواة، وعلل الأحاديث، فكيف لو وقف أحمد وغيره من النقاد على صنيع من تجاوز هذا، ووصل به الحال إلى أن يعضد الإسناد بما هو علة له؟
ومن المشهور المقرر ضعف تصحيحات الحاكم في كتابه «المستدرك»، وأحد جوانب الضعف عنده التزامه تصحيح زيادات الثقات في الأسانيد، وصلا، ورفعا، ونحو ذلك، وإن خالفوا غيرهم، كما تقدم شرحه في المبحث الثاني من الفصل الأول من هذا الباب، وربما تجاوز ذلك، فجعل ما هو علة للإسناد عاضدا له.