«المصنف»، فيقوم الباحث أو المحقق بالاستعانة بالمصدر الأصل للنظر فيما جاء عن مصنفه في المصادر اللاحقة، أو العكس.
وهكذا يقال في مثل أبي بكر بن أبي شيبة، ومسدد, ومحمد بن أبي عمر العدني وغيرهم، فإن لهم مؤلفات, والمؤلفون في السنة بعدهم يروون كثيرا من طريقهم، ونجد هذا جليا في المصادر النازلة، مثل «مستدرك الحاكم» و «سنن البيهقي» و «السنة» للبغوي، وغيرها، مع المصادر المتقدمة عليهم زمنا.
والذي ينبه له الباحث هنا أن رواية مصدر نازل من طريق صاحب مصدر عال لا يلزم أن يكون يرويه عنه من هذا المصدر بعينه، فإذا روى مسلم -مثلا- أو ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة حديثا، ثم وجدناه في «المصنف» لابن أبي شيبة، فلا يلزم من هذا أن مسلما يرويه من «المصنف»، فقد يكون يرويه من «المسند»، وهو كتاب آخر لابن أبي شيبة، وقد يكون يرويه من أصول ونسخ ابن أبي شيبة، قبل أن ينقلها إلى مؤلفاته، وقد يكون سمع منه من حفظه، فهما روايتان مختلفتان، لا يصح تصويب إحداهما بالأخرى.
وقد تقدم في «الجرح والتعديل»(١) أن كثيرا من الرواة لهم أصول بها سمعوا من شيوخهم، ولهم نسخ يحدثون بها نسخوها من تلك الأصول، ولهم أيضا مصنفات جمعوها من تلك النسخ، وتقدم هناك أنه قد يحصل خطأ من
(١) «الجرح والتعديل» ص ٧٣ - ٧٧, وانظر أيضا ما تقدم هنا في المبحث الثاني من الفصل الرابع من الباب الأول.