للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مجلس المذاكرة فأغراضه تختلف تماما عن غرض الرواية، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك (١)، فيقع التسامح فيه، حتى صار هذا عرفا عندهم، يعيبون به من تشدد في المذاكرة.

وربما أوردوا فيها روايات وأحاديث فإذا طلب منهم بعض من حضر كتابتها أبوا عليه، إما لأن شيخه في هذا الحديث ليس عنده بمنزلة من يستجيز الرواية عنه، وإنما ذكره في المجلس على سبيل المذاكرة (٢)، أو أن الحديث خطأ، أو لأنه لم يستعد للرواية، وربما ذهب وأحضر كتابه حين يوافق على ما طلب منه ليروي من الكتاب، تفاديا للوقوع في الخطأ.

روى أبو موسى محمد بن المثنى العنزي، قال: «سألت عبدالرحمن -يعني ابن مهدي- عن حديث، وعنده قوم، فساقه، فذهبت أكتبه، فقال: أي شيء تصنع؟ فقلت: أكتبه، فقال: دعه، فإن في نفسي منه شيئا، فقلت: قد جئت به، فقال: لو كنت وحدك لحدثتك به، فكيف أصنع بهؤلاء؟ ».

قال الخطيب بعد أن روى هذا: «كان أبو موسى من الملازمين لعبدالرحمن، فقوله: لو كنت وحدك لحدثتك به، أراد أنه متى بان له أن الحديث على غير ما حدثه به أمكنه استدراكه لإصلاح غلطه، ولا يمكنه ذلك مع الغرباء الذين


(١) «الجرح والتعديل» ص ٦٣.
(٢) انظر ما تقدم في «الجرح والتعديل» ص ٢٦٢، وانظر أيضا: «العلل ومعرفة الرجال»
٣: ٤٥٦ فقرة (٥٩٣١)، و «تهذيب الكمال» ٢٨: ٥٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>