إليها الناقد بالنظر في قدر كاف من الأحاديث للاستقراء، فإذا جاءت أحاديث لم ينظر فيها بخصوصها طبق عليها تلك النتيجة، وهذا لا يعارض القول بأن دراسة الأحاديث والنظر فيها سابق للأحكام على الرواة.
وههنا أمر آخر، وهو ما سبق ذكره من كون الناقد ربما اعتمد في الجرح والتعديل على آراء نقاد سابقين له، من شيوخه أو من قبلهم أيضا، خاصة في الأمر المشتهر، أو في قضايا لا تتوافر للناقد وسائل الحسم فيها، كما تقدم شرحه (١)، فيعود الأمر إذن إلى أن الحكم في مراتب الرواة عند الناقد الأول بناه على النظر في أحاديثهم، وهذا هو المقصود.
والغرض من كل ما تقدم التأكيد على أن المتصدي لنقد المرويات ينبغي عليه أن يكثر من مطالعة أقوال النقاد في مراتب أصحاب الرواة، مستحضرا عند نقده لحديث معين ما جمعه وطالعه من أقوال النقاد.
ومما يعين الباحث بالإضافة إلى كثرة مطالعته لأقوال النقاد في أصحاب الرواة: إكثاره من مطالعة سلاسل الأسانيد التي رويت بواسطتها أحاديث كثيرة، وهي أسانيد محدودة، بحكم أن الإكثار من الرواية تحملا وأداء يحتاج إلى ظروف معينة، مثل طول الملازمة، وقوة الحفظ، والتعمير، والتصدي للرواية، والصبر على الطلبة، وغير ذلك.
ولإدراك أن هذه الأسانيد محدودة يكفي معرفة أن ثلثي السنة المطهرة نقلها