الباحثين تعرض لاختلاف على راو، وصلا وإرسالا، وقد أخرج البخاري الوجهين الموصول والمرسل، واكتفى مسلم بتخريج الموصول، وتوصل الباحث إلى أن الوجهين محفوظان عن المدار، ثم قال في النتيجة النهائية:«الحديث من وجهيه صحيح، حيث أخرجهما البخاري في «صحيحه»، وانفرد مسلم بإخراج الوجه الأول فقط، ولكن البخاري مقدم، والجمع أولى من الترجيح».
كذا قال الباحث، والصواب أنه لا فرق بين عمل الإمامين، ومسلم لا يلزم من عمله الترجيح، فالحديث عاد إلى وجه واحد هو الوصل، وكون البخاري أخرج المرسل الأقرب أنه أراد بيان أن هذا ليس علة للموصول، بعد أن ثبت الوصل، أو أراد تكثير الطرق على عادته، فالمرسل موصول في الحقيقة.
٣ - تقدم في المبحث السابق ضرورة اعتناء الباحث بإسناد الوجه الراجح، والتأمل فيه جيدا قبل إصدار الحكم عليه، وأن الخلل قد يتطرق إلى عمل الباحث بعد الجهد الكبير الذي بذله في النظر في الاختلافات، والترقي فيها إن وجد الاختلاف في طبقات متعددة، يتطرق إليه الخلل في حكمه على الإسناد، من جهة رواته ودرجاتهم، وسماع بعضهم من بعض، وضربت هناك بعض الأمثلة.
وما قيل هناك يعاد ذكره هنا من باب أولى، وذلك في حال حفظ المدار لإسنادين للحديث الواحد, فيعتني الباحث بكل إسناد، ويصدر عليه حكمه اللائق به، ولا يفتر عن التدقيق فيهما أو في أحدهما، فيذهب عمله سدى.
ومما يؤخذ على بعض الناظرين في الاختلاف تسامحهم في الحكم على إسنادين