للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

الباحث والنقد في عصر الرواية

في المباحث الأربعة السابقة عرضت صورة لحال نقد المرويات في عصر الرواية، مقتصرا على ما لدى الناقد في ذلك الوقت من وسائل خاصة بعصر الرواية، إما لأنها ذهبت مع الرواة أنفسهم، مثل مناقشة الراوي، وسؤاله، والنظر في كتب الرواة، وما يدور في مجالس التحديث، وإما لأن تطبيق الوسيلة يحتاج إلى حفظ واسع للأسانيد، وخبرة بأحوال الرواة، ومقدرة نقدية عالية، وذلك يتعلق بتمييز أحاديث الرواة.

وأود التنبيه هنا إلى أن ما ذكرته ليس على سبيل الحصر، وإنما اقتصرت على أشهرها وأكثرها استخداما، وهناك أشياء يرجح بها النقاد وهي من الوسائل الخاصة بهم، مثل ترجيح صواب الرواية، لأن حال الراوي تمنع أن يخطئ هذا الخطأ الفادح، لو قيل بخطأ الرواية، كما في قول أبي حاتم مصوبا رواية للثوري ذهب بعض النقاد -كأبي زرعة وغيره- إلى خطأ الثوري فيها: «محال أن يغلط بين هذا الإسناد إلى إسناد آخر، وإنما أكثر ما يغلط الناس إذا كان حديثا واحدا من اسم شيخ إلى شيخ آخر، فأما مثل هؤلاء فلا أرى يخفى على الثوري» (١).

والمتتبع للنقد في عصر الرواية لن يعدم وقوفه على أشياء أخر يرجح بها الناقد، وليس بمقدورنا استخدامها بإطلاق.


(١) «علل ابن أبي حاتم» ٢: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>