للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يطالع كتب أئمة النقد، سواء منها ما خصص لنقد المرويات، ككتب العلل، أو ما خصص للرواة أنفسهم، مثل كتب التواريخ، والضعفاء، أو كان مشتركا، مثل السؤالات، وكذلك كتب الرواية نفسها، يرى بوضوح أن موقف أئمة النقد من تفرد الراوي بالحديث يسير في اتجاهين بارزين.

فأما الاتجاه الأول: فهو توقفهم في تفرد الراوي، ورد الحديث وتضعيفه بهذا التفرد.

ويمكن أن يلحظ هذا في كثرة ما ورد عنهم من كلمات في التحذير من الغرائب، وما يتفرد به الرواة، فلهم في ذلك كلمات مشهورة متداولة، منها قول علي بن الحسين: «ليس من العلم ما لا يعرف، إنما العلم ما عرف، وتواطأت عليه الألسن» (١).

وقال يزيد بن أبي حبيب: «إذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضالة، فإن عرف فخذه، وإلا فدعه» (٢).

وقال مالك: «شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس» (٣).

وقال أبو يوسف: «من طلب غرائب الحديث كذب» (٤).


(١) «شرح علل الترمذي» ٢: ٦٢١.
(٢) «الجرح والتعديل» ١: ١٩.
(٣) «الجامع لأخلاق الراوي» ٢: ١٠٠.
(٤) «الكامل» ١: ٥٣، و «المحدث الفاصل» ص ٥٦٢، و «الكفاية» ص ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>