وقضية الزيادات في متون الأحاديث قضية بالغة الدقة بالنسبة لعد الزيادة التي يقف عليها الباحث اختلافا يجب النظر فيه، وتطبيق قواعد الاختلاف عليه، ذلك أن بعض الزيادات إنما جاءت من تصرف الرواة عمدا، وهو ما يعرف بتقطيع الحديث، والاكتفاء بجزء منه، خاصة عند المصنفين على الموضوعات، مثل كتب الصحاح، والجوامع، والمصنفات والسنن، فيذكر الراوي أو المؤلف من الحديث ما يتعلق بموضع الاستشهاد فقط، وهذا كثير جدا، وقد يكون الحديث مكونا من عدة جمل، يصلح كل منها أن يكون حديثا مستقلا، فيقطعه راو، ويجمعه راو آخر.
وهذا الأمر له صلة قوية بتخريج الحديث وعزوه، فقد يكون مع الباحث لفظ، ثم يجد هذا اللفظ في حديث مطول، ويجد أيضا هذا الحديث المطول أو بعض أجزائه في مواضع أخرى دون اللفظ الذي يقوم بتخريجه، فهل يستوفي ذلك كله في التخريج؟ يكثر ورود هذا السؤال لدى الباحثين، وسأعرض له بشيء من التفصيل في بابه الخاص به وهو (عرض التخريج والدراسة)، يسر الله تعالى الوصول إليه.
هذه أبرز الاختلافات في متون الأحاديث، ولا بد من العودة إلى التأكيد على أنه لا يمكن حصرها وضبطها، فقد يقع تغيير في كلمة, أو تقديم جملة على أخرى, أو اختلاف في الأعداد والمقادير, ونحو ذلك, فتكثر أنواعه جدا، وكل باحث له غرض في متن الحديث الذي يقوم بتخريجه، سيتنبه لموضع الاختلاف فيه إن وجد، وقد لا يتنبه لغيره لكونه ليس من غرضه.