ويوجد هذا أيضا في ترجيح الناقد عدم حفظهما جميعا، كأن يقول لراوي أحد الوجهين عن المدار: إنه ضعيف، ويقول في راوي الوجه الآخر: لم يسمع منه.
فهذا الصنيع يقوم مقام التصريح بالاختيار، إذ الظاهر أن ذكره القرينة الغرض منه الترجيح.
ومما يشكل على الباحث في هذه الصورة أن يذكر الناقد قرينة لحفظ وجه، ويذكر قرينة لحفظ وجه آخر، كأن يقول: فلان أحفظ، وأهل كذا أعرف بحديث فلان، أو فلان حافظ، ورواية فلان لها أصل، ونحو ذلك، فهل الناقد يشير بهذا إلى تردده، أو إلى حفظ الوجهين جميعا؟ فيحتاج الباحث في مثل هذا إلى إنعام النظر، لترجيح مراد الناقد، وقد يستعين بآراء غيره من النقاد.
ومن الصور كذلك أن يسأل الناقد عن اختلاف، فيذكر أنه سأل شيخا له عنه فأجاب بكذا، أو يروي الجواب بإسناده عمن فوق شيخه، ويسكت الناقد بعد ذلك، لا يتعقبه بشيء، فالظاهر أن هذا اختياره، فكأنه يقول: وما أجاب به ظاهر، أو صحيح.
وأظهر منه في الاختيار أن لا يسمي صاحب القول، فيقول مثلا: يرون أن فلانا وهم فيه، أو أن فلانا حفظه، أو يُرى أن قول فلان وهم، أو هو الصواب.
ويلتحق بذلك ما يورده المؤلفون في كتب السنة التي وضعت للنقد، سواء منها كتب الرجال، مثل كتب البخاري، والعقيلي، وابن عدي، أو كتب الأحاديث، مثل «مسند ابن المديني»، و «مسند يعقوب بن شيبة»، و «مسند البزار»، فما يذكرونه