للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى التفرد -كما تقدم- أن الراوي لم يشاركه أحد في رواية هذا الحديث، سواء عن شيخه، أو عمن فوقه أيضا.

والنظر في التفرد معناه دراسة التفرد حين وقوعه، وهل الراوي مصيب في روايته للحديث، رغم أنه لم يشاركه أحد، أو مخطئ في روايته، وما يتصل بذلك من إعمال لضوابط النظر في التفرد، وتطبيقها.

وهذان الأمران -الحكم بوقوع التفرد، والحكم بصواب الرواية أو خطئها- عظيمان جدا في باب النقد، سواء من جهة الحديث المروي ودرجته، أو من جهة الراوي وأثر ذلك في الحكم عليه، نظرا لكثرة الأحاديث التي وقع فيها تفرد، وكثرة الرواة الذين وقع منهم تفرد، كثرة بالغة لا حدود لها.

والحكم بهما يحتاج إلى اطلاع واسع على طرق الأحاديث، وملكة قوية في النقد، ومعرفة بأصحاب الرواة، وطبقاتهم، ومعرفة ما عند كل راو من الأحاديث، وتتبع دقيق لمتون السنة النبوية، ومسار الاحتجاج بها، وزمن ذلك.

وكل هذه المتطلبات -وغيرها- إنما يفي بها كغيرها من قضايا النقد على الحقيقة أئمة النقد في عصر الرواية، ولهذا فمن الضروري جدا الاعتناء بكلامهم، وتتبعه، وجمعه، والإستناد إليه، حين يتصدى الباحث للنظر في إسناد حديث وقع فيه تفرد.

وفي البحث عن كلامهم، والاعتماد عليه، قضايا متعددة، سأتناولها في هذا الفصل من عدة جوانب.

<<  <  ج: ص:  >  >>