غرضي هنا أن أستدل لسلامة منهج أئمة النقد، وضعف منهج من خالفهم، فقد ذكرت في مناسبة سابقة أن مهمة من يبحث في قواعد النقد هي تحرير منهج أئمته، فإذا عرفنا منهجهم أو قاعدتهم في قضية ما انتهت مهمة الباحث هنا، وصار الاستدلال لهذا المنهج أو لتلك القاعدة من نافلة القول.
الثانية: اختلاف منهج المتأخرين عن منهج أئمة النقد ليس خاصا بقضية وقوع اختلاف بين الرواة، فقد تقدم مثله تماما في مسألة (التفرد)، في الباب الذي قبل هذا، ويأتي مثله أيضا في مسألة (الاعتضاد)، ومسألة (المعارضة).
وكل هذا يتعلق بمقارنة المرويات، وأما ما يتعلق بـ (الجرح والتعديل)، وقضايا (الاتصال والانقطاع)، فقد تقدم في الكتابين الأولين التنبيه في مناسبات عديدة إلى الخلل الواقع فيها في الدراسات النقدية المتأخرة.
والباب كله واحد، ينتظم عددا من المسائل، قد يشتهر بعضها ويخفى بعضها الآخر، غير أن المحصلة النهائية واحدة: ضعف متناه في نقد المرويات، ومجازفات لا حدود لها في التصحيح.