للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-وإن كان لفظه قصيرا- إلا وقد روي في بعض رواياته بالمعنى، ويدخل في الرواية بالمعنى: اختصار الحديث والاكتفاء بمضمونه وما يفيده، وكذلك الاجتزاء ببعضه، وترك بعضه، خاصة إذا كان يتكون من عدة جمل، أو فيه عدد من القضايا، أو فيه قصة حذفها بعض الرواة، ونحو ذلك.

ولهذا السبب اهتم الأئمة النقاد ببيان ألفاظ الرواة، وموضع الاختلاف بينهم، كما نراه في «صحيح مسلم»، وغيره، وإن كانوا قد اضطروا إلى عدم سوق لفظ كل راو، فاعتاضوا عن ذلك بالإحالة على لفظ يذكرونه، ثم يقولون بعده في الأسانيد الأخرى: بنحوه، أو بمثله، أو بمعناه، فعلوا ذلك للاختصار، توفيرا للورق، حيث حاجتهم إليه ماسة، وتخفيفا على طلبة الحديث، حين سفرهم وتنقلهم، كما تقدم مثله في اختصار ألفاظ الأداء (١).

وقد كان بعض الأئمة -مثل شعبة بن الحجاج- يرى أن الإحالة على لفظ سابق غير كاف، ويقول: إن ذلك ليس بحديث (٢)، ولا شك أن قوله هذا غاية في الدقة والإحكام، لكن التزامه صعب جدا، فكان العمل بخلافه.

ولما كانت أغراض الناظرين في الحديث غير متفقة، فالفقيه، والأصولي، والمفسر، واللغوي، والنحوي، وغيرهم، كل واحد منهم له غرض غير الذي للآخر، ورب حرف ذي أهمية كبرى عند أحدهم، لا يأبه له الآخر - لما كان


(١) انظر: «الاتصال والانقطاع» ص ١٩.
(٢) انظر: ما تقدم في «الجرح والتعديل» ص ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>