للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهم وسائل الحكم على الراوي مقارنة رواياته بروايات غيره، والنظر في مخالفته وموافقته لهم، فالراوي المتروك يفرق بينه وبين الثقة الذي حكم بغلطه في حديث ما أن الثقة وقع منه هذا على سبيل الندرة، ولو وقفوا على عدد من الأحاديث خالف فيها غيره لنزلت درجته, ولا تزال تنزل بحسب ما يوقف على أحاديث له يغلط فيها، ومثله الصدوق، فالذي جعله صدوقا هو أنه وقف على أحاديث يغلط فيها أكثر عددا من تلك التي وقف عليها عند الراوي الذي وثقوه، ودون التي وقف عليها عند الراوي الذي ضعفوه، أو حكموا عليه بالترك، فأعيان الأحاديث إذا ترجح غلط الراوي فيها هم فيها متساوون، واختلف الحكم على الراوي نفسه من جهة القلة والكثرة، أو نوع الغلط.

وقضية الارتباط بين اختلاف الرواة في الأحاديث، وبين الجرح والتعديل، قضية هامة جدا، نبهت عليها في مناسبات سابقة، وسأعود إليها لاحقا حين تأتي مناسبتها، فبينهما ارتباط وثيق، إن لم يحكمه الباحث وقع في التناقض.

ومما يؤكد ويوضح ما تقدم -وهو قضاء الوجه الراجح على الوجه المرجوح فلا يصلح للاعتضاد- أن الوجه المرجوح إذا كان هو الناقص، وكان الوجه المرجوح جزءا من الوجه الراجح، كأن يكون مرسلا، أو فيه سقوط راو أو أكثر، والراجح هو التام، فإن أئمة النقد ربما أطلقوا الصحة على الوجه المرجوح، مع كونه مرجوحا قد قصر به راويه، ومرادهم أن النقص سدده الوجه الراجح، فلم يعد له وجود، فعاد الوجهان وجها واحدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>