٤ - إذا لم يصل الباحث إلى رأي في وجهين محفوظين أو أكثر عن المدار، فلم يرجع بعضها إلى بعض، ولم يرجح حفظها كلها، بعد نظره في المدار وما فوقه من طرق، فإما أن يكون حكم على المدار بالاضطراب، أو توقف في الحكم، فلم يبن له شيء في الأوجه، فينتقل نظره حينئذ في الاختلاف إلى حال أخرى, وهي موضوع المبحث التالي.
وقبل الانتقال إلى المبحث التالي لا بد من الإشارة إلى وجود ارتباط في بعض الاختلافات, ونظر الباحث فيها, بين ما تقدم في المبحث الثاني وهو (الوجه الراجح والوجه المرجوح) , وبين ما تقدم في مبحثنا هذا وهو (الأوجه المحفوظة عن المدار) , من جهة وجودهما جميعا في اختلاف واحد, بسبب تعارض القرائن أمام الناظر في الاختلاف, فيتردد بين ترجيح أحد الأوجه عن المدار, وبين عدم وجود وجه راجح, فكلها محفوظة عنده, فيذكر الباحث الاحتمالين, ودلائل كل احتمال.
وقد تقدم في المبحث الرابع من الفصل الثالث من هذا الباب, أمثلة على وقوع هذا للنقاد, بسبب تعارض القرائن, وسيأتي له قريبا أيضا زيادة بيان وأمثلة في المبحث الرابع من فصلنا هذا، فإذا وقع هذا للباحث بدأ بعرض الرأي
(١) «مسند أحمد» ٣: ١٥٦، و «التاريخ الكبير» ١: ١٢٩، و «كنى الدولابي» ١: ١٠٨، و «شرح مشكل الآثار» حديث (٣٠٧١)، و «معجم ابن الأعرابي» حديث (١٦٦).