فهذا الاختلاف يمكن إرجاعه إلى عبدالرزاق، بالنظر إلى حاله، وأنه تغير حفظه في الآخر، وصار يتلقن، وفي كلام ابن معين إشارة لهذا.
والإشكال فيما إذا ترجح للباحث بناء على قرائن اعتمد عليها أن الاختلاف من الراوي، وأنه حدث بهذا مرة، وهذا مرة، هل له أن يذهب إلى ذلك دون أن ينص النقاد على اختلاف حال الراوي اختلافا يصلح أن يلحق به هذا الحديث؟
الظاهر أنه له ذلك، متى أفرغ جهده في البحث في هذا الحديث، وأطال النظر فيه، وقد وقفت على ما يؤيد هذا من صنيع النقاد، فيلتمسون سببا للاختلاف، وينسبونه إلى الراوي، وأنه اختلفت روايته لهذا الحديث، ولا نقف على كلام لهم يصلح أن يكون قاعدة في هذا الراوي يندرج تحتها حديثه المعين هذا.
ومن أمثلة ذلك أن جماعة من أصحاب هشيم رووا عنه، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«الحياء من الإيمان ... » الحديث، ورواه آخرون عن هشيم، عن منصور، عن الحسن، عن عمران بن حصين، وقد قيل عنه بجمعهما (١).
(١) «سنن ابن ماجه» حديث (٤١٨٤)، و «الأدب المفرد» حديث (١٣٢٠)، و «العلل الكبير» ٢: ٨٠٢، و «شرح مشكل الآثار» حديث (٣٢٠٦)، و «صحيح ابن حبان» حديث (٥٧٠٤)، و «المعجم الصغير» حديث (١٠٩١)، و «المستدرك» ١: ٥٢، و «حلية الأولياء» ٣: ٥٩ - ٦٠، و «تاريخ بغداد» ٤: ٣٣٨، ٦: ١٩٢.