إذا وصل الباحث إلى رأي معين في الاختلاف الذي ينظر فيه، سواء كان بترجيح حفظ وجه واحد، أو بترجيح حفظ وجهين أو أكثر، أو بترجيح عدم حفظ شيء من أوجه الاختلاف، فكل ذلك لا بد أن يكون مبنيا على القرائن التي سبق شرحها في الفصل السابق، أو غيرها مما يظهر للباحث أنه قرينه مؤثرة.
وليس من شرط الترجيح أن يتوافر عليه عدد من القرائن، فقد يتم الترجيح بقرينة واحدة، مثل قرينة كون أحد الراويين المختلفين أحفظ من الآخر، أو أقوى في الشيخ المختلف عليه، أو في رواية أحدهما ما يدل على حفظ الوجه الذي رواه، أو في روايتهما جميعا كذلك, أو يكون أحدهما قد توبع في طبقة أعلى، أو يكون الرواة المختلفون كلهم ثقات حفاظ، ولكن أحد الوجهين رواه الأكثر، أو يكون الراوي المختلف عليه واسع الرواية, ونحو ذلك.
وغير خاف أن توافر عدد من القرائن للترجيح أقوى من الاعتماد على قرينة واحدة، وكلما كثرت القرائن ازداد الترجيح قوة، ولهذا نرى النقاد يذكر قرائن تدل على ما اختاروه متى وجدت في الاختلاف الذي ينظرون فيه.
وسأذكر الآن نماذج من عمل النقاد وأمثلة أخرى لتوافر القرائن.
من ذلك الحديث الماضي في المبحث الرابع من الفصل الثاني من هذا الباب,