وحماد بن سلمة قد تردد أيضا، ففي رواية عنه قال فيه: عن أبي سعيد
-فيما يحسب-.
وكذلك سفيان بن عيينة، فهو من رواية الشافعي عنه، وقد قال الشافعي بعد أن رواه مرسلا:«وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين، أحدهما منقطعا، والآخر عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -».
ومحمد بن إسحاق قد جاء عنه أيضا شيء من هذا، قال الترمذي:«ورواه محمد بن إسحاق، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه -قال: وكان عامة روايته عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر فيه: عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -».
ويحتمل أن تكون هذه الجملة:«وكان عامة روايته عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -»، من كلام عمرو بن يحيى، يبين فيها أن والده كثير الرواية عن أبي سعيد, لا بخصوص هذا الحديث بعينه, فوقع التردد من هؤلاء، واجتماعهم على روايته موصولا ومرسلا يبعد أن يكون وقع اتفاقا، فهذا سببه إذن، ويظهر بهذا قوة من رجح المرسل، وهم الترمذي، والدارمي -كما سبق-، والدارقطني، قال:«والمرسل المحفوظ»(١).
ومن دقائق هذه المسألة -وهي ثبات الراوي أو اضطرابه- أن يخالف راو في إسناد، ثم تقع منه مخالفة في إسناد آخر، فيترجح أنه اضطرب ولم يحفظ،