للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن يلقى علي ما لم أسمع به، فيقولون: هو عند فلان، فأذهب فأسمع، وكان مرادي أن استخرج منهم ما ليس عندي، فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب علي حديثا» (١).

وقضية ظهور حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زمن متأخر وإن كان في عصر الرواية من أعظم الدلائل على نكارته، فقد كانت العناية بسنته وجمعها قد بلغ الغاية التي ليس فوقها غاية، فمن المستحيل أن يفوت شيء على عموم الرواة في طبقات متعددة، ثم يظهر فجأة في زمن متأخر، خاصة إذا كان في أصل من أصول الشرع، والحاجة إليه ماسة في الاستدلال والتشريع.

ومما يؤكد هذا أن الحديث إذا كان قد تم تداوله في الزمن الأول بإسناد معين، ثم ظهر في زمن متأخر إسناد جديد، فهو دليل قاطع على نكارة المتن بالإسناد الجديد.

وقد تقدم في المبحث الثالث من الفصل الرابع من الباب الأول الإشارة إلى هذا, وأن النقاد الأوائل قد قاموا بعبء كبير في هذا السبيل.

ومن أمثلة ذلك أن الأعمش يروي عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش, عن علي أنه قال: إنه لعهد النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحبك إلا مؤمن, ولا يبغضك إلا منافق» (٢).


(١) «الجرح والتعديل» ١: ٣٥٥.
(٢) «صحيح مسلم» حديث (٧٨) , و «سنن الترمذي» حديث (٣٧٣٦)، و «سنن النسائي» حديث (٥٠٣٣) , (٥٠٣٧) , و «سنن ابن ماجه» حديث (١١٤) , و «مسند أحمد» ١: ٨٤, ٩٥, ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>