للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الإمام مالك -وهو من هو في الحفظ والإتقان، ومن طبقة تابعي التابعين- ارتاب في سؤال أهل العراق له عن حديثه عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا: «السفر قطعة من العذاب»، فسأل عن ذلك، فقيل له: لم يروه عن سمي أحد غيرك، فقال: «لو عرفت ما حدثت به»، وكان مالك لهذا السبب ربما أرسله (١).

وقد روي أنه قال ذلك في حديثه عن الزهري، عن أنس، في دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة وعلى رأسه المغفر، وقد تفرد به عن الزهري، فكان يسأل عنه، وسمعه منه من هو أسن منه، كابن جريج وغيره (٢).

وقال محمد بن عبدالله بن نمير: «كان وكيع إذا كان في كتابه حديث ينكره أمسك عنه، لم يحدث به، فإذا جاء إليه بنو أبي شيبة والحفاظ ذاكرهم بشيء منه، فإن ذكروه وقالوا: حُدِّثنا به عن فلان - ذكره، وإن شكوا فيه أمسك عنه» (٣).

ويذكر بهذه المناسبة -أي استبعاد وقوع التفرد في الطبقات المتأخرة، وهو صحيح- قصة أبي حاتم وهو عند أبي الوليد الطيالسي، قال أبو حاتم: «قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثا غريبا مسندا صحيحا لم أسمع به فله علي درهم يتصدق به، وقد حضر على باب أبي الوليد خلق من الخلق،


(١) «فتح الباري» ٤: ٦٢٣. ومعنى يسأل عنه أي يطلب منه أن يحدث به.
(٢) «التعديل والتجريح» ١: ٣٠٠.
(٣) «الجامع لأخلاق الراوي» ٢: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>