ويشبه هذا التأليف على الموضوعات، فالمؤلف يضع كتاب الطهارة -مثلا- في ضمن كتاب يشتمل على موضوعات متعددة، فيختصر في الأحاديث وفي الطرق، فإذا خصص هو أو غيره كتابا خاصا بالطهارة بسطه، فإذا خصص مسألة من مسائل الطهارة -كجلود الميتة، أو السواك، أو المسح على الخفين- بكتاب، زاد في بسطه واستوعب الطرق، وهكذا يقال في نقد الأحاديث.
وهذه منهجية علمية من أعلى ما يكون وأدقه، أعني مراعاة المؤلف للسياق الذي ترد فيه المسألة، أيا كان نوعها.
والملاحظ أيضا في كلام النقاد على الاختلاف أنهم في الغالب يكتفون ببيان رأيهم في الاختلاف نفسه، ولا يتكلمون على حال الإسناد من مدار الاختلاف فمن فوقه، فيقل عندهم أن يبين الناقد درجة الإسناد، وبيان ما فيه من علة إن وجدت، نعم قد يوجد هذا عندهم، لكنه قليل بالنسبة لما أغفلوا النص عليه.
ويبرز هنا سؤال مهم بالنسبة للباحث، وهو: كيف يحدد الناظر في الاختلاف مداره الذي يكون هو الأساس عنده، فما فوقه من اختلاف يكون اختلافا عاليا، وما دونه يكون اختلافا نازلا، وما خرج عنه فهو خارج هذا الاختلاف؟ .
ولا شك أن هذا السؤال هام جدا بالنسبة للناظر في الاختلاف, الخطوة الأولى في الجواب عنه هي في وروده في ذهن الناظر, ذلك أن بعض الباحثين ليس في ذهنه هذا السؤال أصلا, فأول خطواته في دراسة الاختلاف وضعها في الطريق المخطئة, فتتراكم عليه الأخطاء لاحقا.