إسناده ومتنه، وبعضهم فصَّل في روايته، فرواية من فصل مقدمة على رواية من ساقه مساقا واحدا، وهو أحرى أن يكون حفظ وأتقن، فكونها رواية واحدة أسهل عليه، فعدوله عن الأسهل إلى الأصعب دليل على حفظه وإتقانه لهذا الحديث.
ولهذا صور متعددة، منها أن يروي الرواة حديثا فيجعله بعضهم كله عن صحابي الحديث، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويخالفهم آخرون، فيجعلون بعضه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعضه موقوفا على الصحابي، أو من دونه، أو يجعلون بعضه من رواية تابعيه عن صحابي آخر، أو عن التابعي مرسلا ليس فيه الصحابي، إلى غير ذلك.
وتطبيقات هذه القرينة واسعة جدا، وعليها بنى الخطيب البغدادي كتابه:«الفصل للوصل المدرج في النقل»، والسبب في ذلك ظاهر، وهو كثرة تداخل الروايات، ومن يصدر عنه النص، فالصحابي أو التابعي يسوق الحديث مستدلا به على قول قاله، أو يعقب على النص النبوي بكلام من عنده، وممن يفعل هذا من الصحابة أبو هريرة، وعائشة، وكذلك يفعل من بعدهم، واشتهر بذلك جماعة مثل الزهري، ومحمد بن إسحاق، وإبراهيم بن طهمان، وعبدالله بن وهب، وغيرهم.
وأيضا عرف بعض الرواة بسعة الرواية، فيسوق الحديث الطويل بعضه بإسناد، وبعضه بإسناد آخر، أو أكثر من ذلك، وربما أرسل بعض الحديث، وممن عرف بذلك الزهري، ومحمد بن إسحاق، وأبو إسحاق السبيعي، وقتادة، وغيرهم.