للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الصواب، والذي قبله خطأ، أو وهم فلان في كذا، وكذلك فيما أشار فيه إلى الصواب إشارة، على ما تقدم آنفا.

والكلام الآن فيما يورده هؤلاء من اختلاف، ولا يصرحون برأيهم، أو يشيرون إليه إشارة، بل يكتفون بسوق الاختلاف، وربما وضع بعضهم عنوانا له، كما يقول النسائي: ذكر الاختلاف على فلان، ويسوق عنه أوجها.

وقد تكلم العلائي على هذه القضية، فقال: «إذا اقتصر على الإشارة إلى العلة فقط، بأن يقول -مثلا- في الموصول: رواه فلان مرسلا، ونحو ذلك، ولا يتبين أي الروايتين أرجح، فهذا هو الموجود كثيرا في كلامهم، ولا يلزم منه رجحان الإرسال على الوصل» (١).

ومما يساعد ما ذهب إليه العلائي أن الناقد في كتب السؤالات حين يورد وجها آخر في مقابل وجه ذكر له، أو هو يورد ابتداء وجهين أو أكثر، ربما سأله التلميذ عن رأيه في هذا الاختلاف، وقد يصححهما جميعا، أو يضعفهما جميعا، أو يرجح فيهما، وهذا كثير (٢)، فسؤال التلميذ دال على أن مجرد ذكر الاختلاف، أو الوجه المخالف ليس اختيارا.

وعلى هذا يمكن القول بأن الناقد حين يورد وجهين لا يؤخذ من مجرد ذلك رأي له، ما لم يظهر من الناقد إشارة لاختياره، فإن ظهر من كلامه إشارة عمل بها على ما تقدم آنفا، وكذلك إذا أمكن معرفة رأيه من تصرفه، وهذا


(١) «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢: ٧١١، ٧٧٧، وانظر أمثلة ذلك: «العلل الكبير» ١: ٢٧٢ - ٢٧٣.
(٢) ينظر مثلا: «علل ابن أبي حاتم» (١٠)، (١٢)، (٤٨٧)، (٩٧٠)، (٩٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>