للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الفوائد أيضا أن الناظر في الاختلاف -بعد أن يستقر رأيه على أنه اختلاف- قد يبعد النجعة في معالجته، وربما أكثر من فرض الاحتمالات، أو وقع في نزاع مع غيره حول نتيجة النظر فيه، وكان يغنيه عن ذلك كله أن يقف على قول ناقد متقدم يحسم الأمر، ويظهر ما قد خفي مما يتكأ عليه في الترجيح والموازنة.

ومن أمثلة ذلك أن جماعة من أصحاب ابن جريج رووا عنه، عن عبدالحميد بن جبير بن شيبة، عن محمد بن عباد بن جعفر، قال: «أتيت جابر بن عبدالله، فقلت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهي عن صوم يوم الجمعة؟ قال: إي ورب الكعبة»، ورواه جماعة آخرون عن ابن جريج بإسقاط عبدالحميد، ومنهم يحيى بن سعيد القطان، وفي روايته تصريح ابن جريج بالإخبار عن محمد بن عباد (١).

وقد تكلم جماعة من الأئمة على هذا الحديث، فأشار الإسماعيلي إلى أن الصواب رواية من أسقطه، ففيهم يحيى بن سعيد القطان، وذهب البيهقي إلى أن يحيى بن سعيد قَصَّر في روايته بإسقاطه لعبدالحميد بن جبير، والصواب ذكره في الإسناد، ونقل هذا عن الإمامين ابن حجر، ثم قال: «يحمل على أنه سمعه من عبدالحميد، عن محمد، ثم لقي محمدا فسمعه منه، أو سمعه من محمد، واستثبت من عبدالحميد، فكان يحدث به تارة عن هذا، وتارة عن هذا ... » (٢).


(١) «صحيح البخاري» حديث (١٩٨٤)، و «صحيح مسلم» حديث (١١٤٣)، و «سنن النسائي الكبرى» حديث (٢٧٤٦ - ٢٧٤٩)، و «مسند أحمد» ٣: ٢٩٦، و «سنن البيهقي» ٤: ٣٠١.
(٢) «فتح الباري» ٤: ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>