للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكلم الحاكم على الحديث الشاذ فقال: «هو غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث، أو وهم فيه راو، أو أرسله واحد فوصله واهم، فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة» (١).

وذكر الخليلي تعريف الشافعي وجماعة من أهل الحجاز للشاذ بأنه ما يرويه الثقات على لفظ واحد، ويرويه ثقة خلافه زائدا، أو ناقصا، ثم قال: «والذي عليه حفاظ الحديث: الشاذ: ما ليس له إلا إسناد، يشذ بذلك شيخ، ثقة كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه، ولا يحتج به» (٢).

فهذه النصوص يستفاد منها أن النقاد يضعفون الحديث ويستنكرونه بتفرد الراوي إذا كان ضعيفا، ولا إشكال في ذلك، ولكنهم أيضا قد يضعفون ويستنكرون ما يتفرد به الثقات ومن في حكمهم أو يتوقفون فيه، وربما احتاج الناقد منهم لإذهاب ما في نفسه من تفرد الراوي أن يحلفه على السماع، مع أنه ثقة متثبت، قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: «سمعت أبي وذكر حديث عبدالله بن دينار، عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وعن هبته»، قال شعبة: استحلفت عبدالله بن دينار: هل سمعتها (كذا) من ابن عمر؟ فحلف لي، قال أبي: كان شعبة بصيرا بالحديث جدا، فهما فيه، كان إنما حلفه لأنه كان ينكر هذا


(١) «معرفة علوم الحديث» ص ١١٩.
(٢) «الإرشاد» ١: ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>