للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصنف الثاني: جماعة من الرواة يقع منهم الاختلاف في الرواية الواحدة عمدا، فقد اشتهر عن بعض الرواة تخوفهم، فكانوا يروون الحديث مثلا مرة مرفوعا، ويقفونه مرة أخرى عمدا، على سبيل الورع والتوقي، ومن هؤلاء: محمد بن سيرين، وعبدالله بن عون، ومسعر بن كدام، وغيرهم.

وقد عول الدارقطني كثيرا على تحميل هؤلاء وأمثالهم عهدة الاختلاف، لهذا السبب، ومن ذلك قوله في حديث ذكر الاختلاف فيه على ابن سيرين: «وقد تقدم قولنا في أن ابن سيرين من توقيه وتورعه، تارة يصرح بالرفع، وتارة يومئ، وتارة يتوقف، على حسب نشاطه في الحال» (١).

وممن يقع منهم التعمد في الرواية الواحدة: المدلسون، فإذا جاءت رواية لمدلس عن شيخ له حديثا، ثم جاءت رواية أخرى بزيادة راو بينه وبين شيخه، أو قال في بعض الروايات: نبئت عنه، ونحو ذلك، فحال المدلس أوجبت أن يحمل هو عهدة الاختلاف، والرواية الناقصة رواها في حال قيامه بالتدليس، ولهذا أمثلة كثيرة جدا، تقدم شيء منها في التدليس (٢).

والصنف الثالث: من كان يضطرب في حديثه ويتردد، وهؤلاء منهم ثقات، والتردد يقع منهم في بعض حديثهم، ومن هؤلاء الإمام الحافظ الثقة


(١) «علل الدارقطني» ١٠: ٢٥، وانظر: ٨: ١١٦، ١٠: ١٤، ٢٧، ٢٩، ٣٠، ١١: ٢٩٤.
(٢) «الاتصال والانقطاع» ص ٢٦٣ - ٣٠١، ٣٤٨ - ٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>