وتقدم في المبحث الثاني من فصلنا هذا أن ترجيح وجه واحد قد يكون ظاهرا قويا، فيكتسب الوجه الراجح من هذا قوة، والوجه المرجوح ضعفا, وقد يكون الترجيح فيه ضعف، فمع جنوح الناقد إلى الترجيح إلا أن الاضطراب لم يزل تماما، فيؤثر هذا عليهما، وذكرت هناك بعض الأمثلة على هذه الصورة.
ويمكن تقرير هذا هنا بصورة مقلوبة، فحكم الناقد بالاضطراب لا يزيله أن يشير إلى احتمال رجحان وجه واحد من أوجه الاختلاف، فالاضطراب باق، والحديث يضعف به, والحكم في هذه القضايا لغلبة الظن، فهناك رجح وجها واحدا بناء على غلبة ظنه، وإن كان الاضطراب لم يزل تماما، فالترجيح مع لينه لا يزال باقيا، وهنا حكم بالاضطراب بناء على غلبة ظنه, وأشار إلى احتمال ترجيح وجه واحد، فالحكم بالاضطراب لم يزل باقيا.
وسأضرب الآن مثالا واحدا للاضطراب يجتمع فيه ما تقدم, ثم أعقب عليه بما أريد.
روى صدقة بن يزيد المقدسي، عن العلاء بن عبدالرحمن, عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«قال الله تعالى: إن عبدا أصححت جسمه، وأوسعت عليه في الرزق، يأتي عليه خمس سنين لا يفد إلي محروم».
وصدقه بن يزيد ضعيف الحديث، استنكر النقاد عليه هذا الحديث، وصرحوا بأن الصواب أنه من رواية العلاء بن المسيب، وليس العلاء بن