للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني: يحكم الناقد على الحديث الذي وقع فيه اختلاف بعد نظره في أمور كثيرة، منها ما هو في الطرق إلى المدار، وصفة روايتهم، ومنها ما هو في المدار نفسه، وروايته، ومنها ما هو في الطرق فوقه، وكل ما يمر به هو محل اجتهاد ونظر للناقد، فهي أحكام مبنية على قرائن قد تتعاضد، فيصير الحكم على الناقد سهلا، وقد تتعارض إما تعارضا ضعيفا، أو قويا.

والحكم بالاضطراب لا يخرج عن هذا، فهو إحدى النتائج التي يصل إليها الناظر في الاختلاف بناء على ما أمامه من قرائن وأدلة.

وهذه مسألة مفروغ منها ليست خاصة بقضية الاضطراب، وتقريرها هنا من أجل بيان أن الحكم بالاضطراب قد يكون ظاهرا لا خفاء فيه، كأن تكون الطرق إلى المدار فيها ضعف ما، ولا مرجح بينها، والمدار فوق أن يوصف بالاضطراب، وكأن يكون المدار نفسه موصوفا بالاضطراب، بصفة عامة, أو عن بعض شيوخه، وهو يروي الحديث عن واحد منهم، والطرق مع ذلك إلى المدار قوية، فيحمل الاضطراب.

وقد يكون الحكم بالاضطراب فيه خفاء، فقرائنه ليست قوية، كأن يكون المدار ثقة لم يوصف بالاضطراب، ولكن الطرق إليه أيضا قوية، وما شابه ذلك, وبناء على هذا فلا يستغرب أن يكون للناقد الواحد في الحديث رأيان، رأي يصرح فيه بالتوقف، أو يحكم بالاضطراب، ورأي يرجح فيه وجها واحدا، أو وجهين، ولا يستغرب أن يحكم ناقد بالاضطراب، وناقد آخر يرجح أحد الأوجه، وقد تقدمت أمثلة هذا في مبحث تعارض القرائن وهو المبحث الرابع

<<  <  ج: ص:  >  >>