للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعرف المراد من سياق الكلام.

نعم، قد استقر الاصطلاح في وقتنا الحاضر على أن المتابع ما كان من طرق عن الصحابي نفسه، والشاهد ما كان عن صحابي آخر، لكن هذا لا ينبغي أن ينزل عليه كلام الأولين إذا أرادوا خلاف ذلك، وهذه قضية لا تختص بهذا الموضع، وأوردتها هنا لمناسبتها، فقد كان بعض الأئمة يستخدمون كلمة (الاستشهاد) في الكلام على رواة الكتب الستة، ويقصدون بها معنى خاصا، وهو التخريج للراوي تعليقا، كما نراه في كلام المزي، والذهبي (١)، وغيرهما.

قال المزي في ترجمة أسامة بن زيد الليثي: «استشهد به البخاري في «الصحيح»، وروى له في «الأدب»، وروى له الباقون» (٢)، فعلق عليه أحد الباحثين بقوله: «وفي قول المزي: روى له مسلم - نظر، لما ذكره الحافظ أبو الحسن بن القطان في كتاب «الوهم والإيهام» من أن مسلما -رحمه الله تعالى- لم يحتج به، إنما روى له استشهادا كالبخاري».

كذا قال الباحث، خلط بين اصطلاحين، وكلمة ابن القطان ليس فيها: «كالبخاري» (٣)، ومراد ابن القطان أن مسلما لم يعتمد عليه، وإنما أخرج له في الشواهد، وهذا غير مراد المزي بالاستشهاد، فمراده تعليق البخاري له، وأما غير


(١) انظر مثلا: «تقييد المهمل» ٢: ٥٩١، و «تهذيب الكمال» ٢: ٢١١، ٢٢٤، ٢٦٠، و «سير أعلام النبلاء» ٤: ٥٣١، ٦: ٣٤٣، ٧: ١٣٤.
(٢) «تهذيب الكمال» ٢: ٣٥٠.
(٣) «بيان الوهم والإيهام» ٤: ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>