إلا أن قال: أين نحن عن هذا؟ ولم إنكار وجود مذهبين متميزين في الدراسات الحديثية؟ فأجبته: لا أجد مبررا لهذا إلا أن أعزوه لثلاثة أسباب: الأول: صعوبة التحول عما نشأ عليه الشخص، وتلقاه في فترة التعليم، واشتغل عليه فترة طويلة، ولهذا نرى بعض الباحثين قد سلم بوجود المنهجين، واقتنع بضرورة الالتزام بمنهج الأئمة النقاد، وربما شرحه وأوضحه، ولكنه عند التطبيق يدعه ويتكلم على الأحاديث بما نشأ عليه.
وقد قرأت كتابا لأحد الباحثين قدم له بمقدمة جيدة عن قرائن الترجيح عند الأئمة، وضرب لها الأمثلة، ثم في داخل الكتاب سرعان ما يدعها ويسلك مسلك الفقهاء والأصوليين، ومن سار على طريقتهم، بل ينقل أقوالهم وتقريراتهم على الأحاديث.
وتكلم باحث آخر في كتاب له نشره عن زيادة ثقة في متن الحديث، وضعفها، وكتب في ذلك صفحات مطولة، نقل فيها عن الأئمة المتأخرين تقريرهم لمنهج المتقدمين في قبول الزيادات أوردها.
ثم هو في أحاديث أخرى كأنه لم يقرأ حرفا مما سطره هنا، فحسن إسناد حديث فيه صدوق، قد خالف جماعة من الحفاظ، منهم سفيان الثوري، وشعبة، فزاد في الإسناد رجلا، ورواية الحفاظ بإسقاطه، فالإسناد منقطع، وأحاديث أخرى كثيرة ترك فيها ما أطال في تقريره والأخذ به في ذلك الموضع.
الثاني: خلل في التربية العلمية، فالاستعداد النفسي لتغيير الرأي متى ظهر