ومثله لو وقع اختلاف بين الأئمة في الترجيح ولم تتضح أسباب الترجيح لكل قول، فالباحث حينئذ يجتهد في تفسيرها.
وكل هذا يفعله الباحث مع التزام الحذر الشديد، لئلا يحمل كلام الأئمة ما لا يحتمله.
وهذه الدرجات -الأولى والثانية والثالثة- ليس للباحث فيها اجتهاد في الترجيح نفسه، فمهمته حسن العرض، وزيادة التوضيح والبيان.
٤ - إذا مر بالباحث حديث وقع في أسانيده أو متنه اختلاف، واختلف الأئمة في الترجيح، وكل ذكر ما يؤيد قوله، فبإمكان الباحث حينئذ أن ينظر في مرجحات كل قول، وله بعد تأن ونظر أن يميل إلى ما هو الأقوى في نظره، بحسب ما توافر لكل قول من مرجحات، وقد يزيد في الوجه الذي اختار ترجيحه مرجحات أخر لم يتعرض لها الأئمة الذين اختاروه، أو يزيد في الوجوه المرجوحة أسبابا أخرى لذلك لم يذكرها الأئمة أيضا.
ولا شك أن هذه خطوة فوق التي قبلها، إذ بدأ الباحث يقحم نفسه في الاجتهاد في الترجيح بين الأوجه، ويختار منها ما يراه الأقوى، ولا شك أيضا أنها تحتاج إلى مزيد وخبرة ومران، وكثرة ممارسة ونظر في كلام الأئمة وترجيحاتهم.
٥ - قد يخرج الباحث حديثا ويجمع طرقه ثم يجد في أسانيده أو متنه اختلافا يحتاج إلى موازنة ونظر، ثم يبحث عن رأي للأئمة أو لأحدهم فلا يجد من ذلك شيئا، ويرى في بعض أوجه الاختلاف ما يمكن ترجيحه، بناء على معرفته بالمرجحات التي استخدمها الأئمة.