للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث أراد التحويل من أصوله، أو من نسخه، إلى مصنفه هو.

والخلاصة أن قضية استفادة الباحث من النظر في كتب الرواة استقلالا أراه مزلة قدم، مع أن هذا الموطن -فيما أرى- يحتاج إلى مزيد بحث وتحرير.

ويشبه ما تقدم أن بعض الباحثين حين نظره في إسناد وقع فيه تفرد، أو وقع فيه اختلاف على راو من الرواة، يرجح أحد الوجهين بكون الوجه الآخر إسناده غريب، فاحتمال خطأ راويه أقرب، ويعتمد الباحث في ذلك على مطالعته في «تحفة الأشراف»، فيقول -مثلا-: وهذا الإسناد غريب، لم يخرج بواسطته في الكتب الستة شيئا، ورأيت بعض الباحثين يكثر من هذا.

وفي رأيي أن في هذا الصنيع شيئا من الجرأة، فالحكم بأن هذا الإسناد غريب، أو أنه مركب، أو أن رواية فلان عن فلان لا تجيء، إنما هو خاص بالنقاد، وإلا فما يدرينا أن رواية المطعم بن المقدام، عن الحسن البصري، ليس لها معنى، وأن رواية الحسن، عن سهل بن الحنظلية، لا تجيء؟ أرجح أنه لو وقف بعض المتأخرين على مثل هذا لذهب يقيم الدليل على ثبوت السماع.

ويتأكد هذا إذا عرفنا أن غرابة الإسناد ووعورته ربما تكون دليلا على ترجيح رواية من أتى بهذا الإسناد، كما سيأتي في الفصل الثاني من الباب الثالث، فبين الموطنين تشابه شديد.

الأمر الثالث: إذا قيل إن هذه الوسائل خاصة بأئمة النقد فالمقصود أنهم يختصون بتطبيقها استقلالا، وأما من تأخر عنهم فليس بمقدوره هذا، غير أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>