ومن المهم جدا للوصول إلى رأي صواب أو أقرب من غيره إلى الصواب الاعتناء بالنظر في الراوي المختلف عليه، وكيفية روايته، وذلك حين البحث في المحفوظ عن ذلك الراوي، وما الذي حَدَّث به؟ ففي كثير من الأحيان يغني النظر فيه عن النظر في أصحابه المختلفين عليه، والموازنة بين رواياتهم المختلفة في الحديث موضع البحث، وإذا لم يغن النظر في الراوي المختلف عليه عن النظر في أصحابه، ورواياتهم, فقد يكون النظر فيه عاملا مساعدا في الموازنة بين رواياتهم.
وقد رأيت من الباحثين -بصفة عامة- إغفال هذا الجانب، والقصد مباشرة إلى الموازنة بين الرواة عن المختلف عليه، والجزم بأن فلانا أصاب، لكونه الأحفظ، أو لغير ذلك، لكن الباحث لم يدقق في شيخهم الذي اختلفوا عليه، ولا في روايته لهذا الحديث موضع البحث.
وأول ما ينبغي التدقيق فيه روايته للحديث موضع البحث، فقد يقف الباحث على نص عن الراوي المختلف عليه، وأنه قد حَدَّث بالوجهين جميعا، إن كان الاختلاف على وجهين -مثلا- فالتردد منه، وقد تقدم في الفصل الثالث من الباب الأول، وهو الفصل المتعلق بالنقد في عصر الرواية، أن هناك نصوصا كثيرة جدا عن الرواة في مناقشتهم، والمحاورات بينهم، فهذا باب مهم جدا على الباحث أن يعتني به، فقد يوفر عليه الكثير من العناء, وسأذكر الآن نماذج أخرى لهذا.
فمن أمثلة ذلك أن يحيى بن سعيد القطان حدث بحديث عبيدالله بن عمر،