إذا تصدى الباحث للنظر في اختلاف على راو في إسناده فمن المهم جدا أن يكون قد حدد مقصوده ومراده من هذا النظر، وإذا حدده فلا يتجاوزه، ولا يقصر دونه.
وتحديد غرض الباحث من النظر أمر بالغ الأهمية، سواء بالنسبة للباحث والجهد والوقت الذي يبذله، أو بالنسبة للبحث نفسه من حيث الاختصار والإطالة.
ولشرح هذا أجدني مضطرا إلى التذكير بما مر في الفصل الثاني من الباب الأول, وهو الفصل المتعلق بالمصطلحات التي تمر بالباحث في مقارنته للمرويات، وذلك في مصطلح (المدار)، فقد تقدم هناك أن الحديث له مدار أساس، وهو الراوي الذي ترجع إليه كافة طرق الحديث، وقد يكون هو الصحابي، وذلك إذا روى الحديث عن الصحابي اثنان أو أكثر، مثل أن يروي الحديث جابر بن عبدالله، ويرويه عنه عطاء بن أبي رباح، وأبو الزبير المكي، والمنذر بن مالك أبو نضرة العبدي.
وقد يكون التابعي هو المدار، في حال تفرد التابعي عن الصحابي، واشتهاره عن التابعي، مثل أن يروي الحديث عائشة، وعنها عمرة بنت عبدالرحمن، ويرويه عن عمرة: يحيى بن سعيد الأنصاري، وعروة بن الزبير، والزهري.
وهكذا، قد يكون المدار نازلا، فيكون تابع التابعي، أو من دونه، فحديث