للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشبه أحاديث عبدالله بن سعيد الواهي، فإن هذه المشابهة إن كانت كافية لإقناع من كان من النقاد الحذاق فليس ذلك بالذي يكفي لإقناع الآخرين الذين قنعوا بصدق الراوي وحفظه وضبطه، ثم لم يشعروا بذلك الشبه، أو شعروا به ولكن لم يروا من الصواب في شيء جعله علة قادحة يستنكر الحديث من أجلها، ويسلم للقادح بها، مع مخالفته لقاعدة أخرى هي أهم وأقوى من القاعدة التي بنى ابن رجب عليها رد هذا الحديث، وهي أن زيادة الثقة مقبولة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وما المانع أن يكون الحديث قد رواه عن أبي سعيد المقبري كل من ولديه: سعيد الثقة، وعبدالله الضعيف، وأن عاصما أخذ الحديث عنهما كليهما، فكان تارة يرويه عن سعيد فحفظه عنه أبو بكر الحنفي، وتارة عن عبدالله فحفظه معاذ بن معاذ؟ لا يوجد قطعا ما يمنع من القول بهذا، بل هو أمر لا بد منه ... » الخ.

كذا قال الشيخ، وهو كلام غير محكم أبدا، وبمثله هزلت الدراسات الحديثية المعاصرة جدا إلا ما شاء ربك، وطرد مثل هذا الكلام معناه بسذاجة متناهية إلغاء جميع العلل التي أعل بها المحدثون أحاديث الثقات، فإن التجويز العقلي لا حدود له، وقول الشيخ إن كلام أبي الفضل بن عمار لا يكفي لإقناع الآخرين غير النقاد الحذاق - لا أدري من المراد بالآخرين، وإذا أقنع النقاد الحذاق فما الحاجة إلى إقناع غيرهم؟ .

ثم إن قوله إن أبا الفضل بنى استنكاره على أن الحديث يشبه أحاديث عبدالله بن سعيد الواهي - فيه قصور، فأبو الفضل ارتكز أولا على رواية معاذ

<<  <  ج: ص:  >  >>