للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي هو الراجح، فيتم نقده -بعد ترجيحه عن الأعمش- بما ذكره الباحث.

الصفة الثانية: ترجيح أحد النقاد لبعض الأوجه, وهذا كثير عند الباحثين, وخاصة تخريج الشيخين البخاري ومسلم أو أحدهما للوجه, فيقوم الباحث بذكر قرائن الترجيح، ويذكر منها أن هذا الوجه هو الراجح لكون الشيخين أخرجاه، أو لكون البخاري أو مسلم أخرجه, ويفعلون هذا مع غيرهما، فيذكر الباحث في مبرراته لترجيح الوجه أن أحمد, أو ابن معين, أو أبا حاتم, أو أبا زرعة، رجحه, وربما نزل بعضهم إلى أبي نعيم الأصبهاني, والبيهقي، وابن عبدالبر.

وغير خاف أن آراء المجتهدين ليست أدلة, فهي بحاجة إلى الدليل، والاستدلال بها حينئذ فيه دور, لا ينقطع إلا بوجود إجماع من أهل الفن على رأي, فالحجة إذن في إجماعهم, وما عدا ذلك فهو من باب الركون والتقليد لقول مجتهد.

يدل على ذلك أنه في حال اختلاف ناقدين فإن الباحث يستبعد رأييهما من القرائن، ويبحث عن قرائن لقول كل منهما, فلو كان رأي الناقد في نفسه دليلا لاستمر هذا, ولوجب إحضاره في كل اختلاف، فالدليل في حال هو دليل في حال أخرى، وإنما يقدم الأخذ بأحد الدليلين لأمور خارجة عن كون الدليل في نفسه دليلا.

مثال ذلك أنه لو استدل مجتهد في مسألة شرعية بدليل من السنة النبوية لعد عمله هذا موافقا لأصول الاستدلال، بغض النظر عن قوة الدليل وصلاحيته للاستدلال في هذه المسألة بعينها، ولو استدل ببعض كلام العرب -مثلا- لم ينظر في دليله أصلا, لخروجه عن أصول الاستدلال، وقد يكون موافقا للقول الراجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>