للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجد في كلام النقاد على قضية التفرد إشارات إلى بعض ضوابطه، سواء في الحديث عن القضية بعينها، أو على أحاديث وقع فيها تفرد، فيشير الناقد حين حكمه على الحديث إلى ما يصلح أن يكون ضابطا، يمكن تطبيقه على غيره من الأحاديث.

ومن أول من خص التفرد بالحديث عنه وبيانه مسلم بن الحجاج في مقدمة «صحيحه»، فإنه قال: «حكم أهل العلم، والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث: أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا، وأمعن في ذلك على الموافقة لهم، فإذا وجد كذلك، ثم زاد بعد ذلك شيئا ليس عند أصحابه، قبلت زيادته.

فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث، مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس، والله أعلم» (١).

وما ذكره مسلم من قبول ما يتفرد به من أمعن في موافقة الثقات عن شيخه، مبني على أن الراوي قد لا يستوعب ما عند شيخه، وإذا استوعبه فقد


(١) «صحيح مسلم» ١: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>