وكذلك هم يخاطبون من هو مثلهم فلا يلتبس عليه الأمر، فالسائل هو ناقد في الأصل، يسأل من تقدم عليه زمنا.
والغرض من تلخيص هذا كله في هذا المبحث هو تنبيه الباحث وقد عرف أن النقاد في الغالب يتكلمون على موضع السؤال الموجه إليهم فيبقون مع مداره، ولا يتحدثون عن مدارات فوقه، أو دونه، وأنهم يصححون بعض الأوجه ومرادهم بذلك أي عن المدار، ولا يلزم منه صحة الوجه بعده، وكذلك قد يرجحون وجها، أو يصرحون بصحته، وفيه ضعف، في مقابل وجه آخر أشد ضعفا منه.
وعرف أيضا أنهم يرجحون بالقدر المشترك، فيرجحون وجها مع وجود خطأ فيه، ومقصودهم الاستفادة مما فيه من صواب، في مقابل وجه خطأ كما تقدم شرحه في المبحث الأول من الفصل الثالث من هذا الباب.
وأيضا قد يقولون في وجه من الأوجه إنه الصحيح أو المحفوظ، في مقابل وجه آخر، ولكن ليس معناه أن راوي الوجه الآخر قد أخطأ، فالخطأ من المدار حين حدث بالوجه الآخر، وقد يكون فعل ذلك عمدا.
إذا عرف هذا كله فإن الواجب حينئذ عليه أن يتمعن كثيرا في عبارات النقاد حين يريد أن ينقلها في كلامه على الاختلاف، فلا يهجم على العبارة دون تأمل ونظر، فقد يضعها في غير موضعها، ويستدل بها على شيء لا تدل عليه.
والباحث قبل أن يستفيد في بحثه من عبارة لناقد ملزم بالنظر في سياق العبارة، وكيف خرجت من الناقد وفق هذا السياق، وكذلك النظر في كلام الناقد في مواضع أخرى على الحديث نفسه، وأيضا كلام النقاد الآخرين على الحديث،