ثم هذه الروايات مَرَّ عليها عصور متعاقبة، فصار لكل منها في بعض الأحيان فروع من الروايات، ولكل فرع نسخ متعددة.
وضممنا إلى ذلك كله حفظ هذه المصادر إلى زماننا هذا، أو فقدانها، ثم تنوع الموجود منها ما بين مخطوط ومطبوع، وتعدد طبعات الكتاب الواحد أحيانا، ومنها الطبعة الجيدة المحققة، والطبعة الرديئة.
إذا عرفنا ذلك كله -وغيره مما يتعلق بهذه المصادر- أدركنا بسهولة أن أحوال هذه المصادر من الجهات المتقدم ذكرها قد شكل علما مستقلا برأسه، يتفاوت فيه الباحثون جدا، فنحن بأمَسِّ الحاجة إلى من يولي عنايته هذا الأمر، ويخصص فيه قراءاته وبحوثه، ويكون فيه مرجعا للباحثين.
وأكثر من ذلك أن بعض مصادر السنة يمكن أن تحتمل من يتخصص فيها، فلو أخذنا -مثلا- «صحيح البخاري»، أو «موطأ مالك»، أو «سنن أبي داود» لرأينا ما يتعلق به من الجهات المتقدمة ما يحتمل أن يتوجه له بعض الباحثين، ويتخصص فيه.
ولا شك أن هناك جهودا قد بذلت لحصر مطبوعات المصادر والمؤلفات في السنة النبوية، وصدرت كتب في ذلك، كما أن هناك بعض الفضلاء من الباحثين له اهتمام بالمصادر، وما يتعلق بها من أحوال، غير أن الحاجة -فيما أرى- فوق ذلك بكثير، وفي الأقسام العلمية في الجامعات -وهذا مما يؤسف له- عزوف عن التوجه إلى هذا النوع من البحوث.