فرواية عبدالله بن أبي بكر هذه لم تؤثر شيئا في رواية الجماعة، ويكون عبدالله أو من دونه قد قصر بهذا الحديث بعدم ذكر ابن عباس.
وكل ما تقدم يتم تطبيقه سواء بسواء لو كان الراجح وجها واحدا في مقابل عدد من الأوجه كلها مرجوحة، فإنه يقضي عليها على النسق السابق، في صور لا تنتهي أبدا، لولا خشية الإطالة لضربت لبعضها أمثلة.
٢ - معنى كون الوجه مرجوحا عن المدار أنه لم يصح عنه، فلم يحدث به هكذا، ومقتضى هذا أن الباحث في نقد الوجه المرجوح يكتفي بنقده إلى المدار، ولا ينقده بالمدار -لو كان محل نقد- ولا بمن فوق المدار، إذ كيف ينقده بهم، أو بسماع بعضهم من بعض، والإسناد لم يصح إليهم؟ .
هذا أصل المسألة بلا تردد، غير أن الكلام في حال الإسناد بعد المدار للوجه المرجوح قد احتاج إليه الباحث أثناء نظره في الاختلاف قبل المدار, وهذه مسألة دقيقة جدا, فقد يكون الناظر في الاختلاف قد استفاد من حال الإسناد بعد المدار أثناء دراسته للاختلاف, واستخدمه في الترجيح, فيكون فيه ما يدل على غلط راوي هذا الوجه, وقد تقدم شرح هذا مفصلا في نهاية المبحث الثالث من الفصل الثاني من هذا الباب.
وأما ما عدا ذلك فلا كلام للناظر في الاختلاف فيه, لأنه -كما تقدم- لم يصح عن المدار, فكأنه لا وجود له, غير أن الباحث قد يحتاج أن ينبه على تقارب وجهين في حال الإسناد بعد المدار, الراجح والمرجوح, كما إذا اختلف على راو على وجهين, إرسال الحديث, ووصله, ويكون الموصول منقطعا أيضا.