ومثاله الحديث الماضي في المبحث الثالث من الفصل الثاني من هذا الباب، وهو ما رواه سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم بن عبدالله بن عمر، عن أبيه:«أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبا بكر، وعمر، كانوا يمشون أمام الجنازة».
فسفيان بن عيينة من كبار أصحاب الزهري، والرواة عن سفيان ثقات، ولكن بعد جمع الطرق تبين أن سفيان خولف في هذا الحديث، خالفه الجماعة، فرووه عن الزهري مرسلا، فصار حديث ابن عمر معلولا، وعلته أن الصواب فيه الإرسال.
وهكذا لو كان الوجه الراجح والوجه المرجوح تامين، كأن يكون الاختلاف في تسمية الصحابي، فالوجه الراجح يكون علة مؤثرة للوجه المرجوح, ويصير الوجه المرجوح معلولا، فلا يصح الحديث إلا عن أحد الصحابيين.
أما إذا كان الوجه الراجح هو التام, والوجه المرجوح هو الناقص, كأن يترجح الرفع على الوقف، أو الوصل على الإرسال، فيبقى الوجه التام على تمامه، ولا يؤثر فيه وجود الناقص، ويقال في مثل هذا الإسناد: له علة، لكنها غير مؤثرة.
ومثاله الحديث الماضي أيضا في المبحث الأول من الفصل الأول من هذا الباب، وهو ما رواه الجماعة، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس:«أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا، ثم تمضمض، وقال: إن له دسما»، فقد رواه ابن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، عن عبدالله بن أبي بكر، عن الزهري، عن عبيدالله مرسلا، ليس فيه ابن عباس، وبلفظ الأمر بدون قصة (١).