للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغرضي من شرح هذه الوسائل وإبرازها يمكن إجماله في عدة أمور:

الأمر الأول: معرفة هذه الوسائل بمثابة التوطئة والتمهيد للدخول في الأبواب اللاحقة، وما فيها من قضايا تتعلق بممارسة الباحث للنقد، والقواعد التي يسير عليها في ذلك، ولهذا السبب سأحيل على فصلنا هذا في عدد من المناسبات ليس بالقليل.

الأمر الثاني: ظهر من عرض هذه الوسائل أنها خاصة بالنقد في عصر الرواية، بوجود الرواة، وكتبهم، ومجالسهم، ووجود النقاد بينهم، وعلى هذا فمن غير الممكن بالنسبة للباحث المتأخر أن يمارس النقد بواسطتها، وهذا ظاهر جدا في مناقشة الرواة، والنظر في كتبهم، وحضور مجالس التحديث، فمن غير الممكن بالنسبة للباحث أن يقول مثلا: سألت فلانا، أو لقيت فلانا، أو كنت في مجلس فلان، أو نظرت في كتاب فلان، وكذلك الحال بالنسبة لتمييز أحاديث الرواة، فليس بالإمكان أن يقول الباحث إن فلانا لم يرو عن فلان، أو أن عدد أحاديث فلان عن فلان كذا، أو أن أحاديث فلان عن فلان تشبه أحاديثه عن فلان.

وأخطر ما يكون محاولة التشبه بالنقاد من بعض الباحثين، فبعض الباحثين إذا رأى -مثلا- رواية عن عبدالرزاق خارج «المصنف» من رواية أحمد في «المسند»، أو من رواية محمود بن غيلان عند الترمذي في «السنن»، تخالف ما في «المصنف»، رجح ما في «المصنف»، باعتباره كتابا لعبدالرزاق، ومثله ابن أبي شيبة في «المصنف»، مع ما يوجد من روايات عنه خارج «المصنف»، مثل «صحيح مسلم»، و «سنن ابن ماجه»، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>