أولا: كلام أئمة النقد على التفرد له مصادر خاصة، ومصادر عامة، فأما المصادر الخاصة فيقصد بها كل ما ألفه النقاد بغرض النص على التفرد، سواء حمل عنوانه هذا المعنى، أو حمل معنى آخر، وسواء كان المراد بالتفرد بإطلاق، أو كان خاصا بتفرد راو بعينه، أو عن راو بعينه، أو غير ذلك.
فهذا النوع من المؤلفات قصد به جمع الأحاديث التي وقع فيها تفرد، فكلها إذن من كلام النقاد ونصهم على التفرد.
وليس لهذا النوع من المؤلفات حد معين، فهي من الكثرة بحيث يمكن القول بأنها لا حصر لها، مع كثرة العناوين التي تدل عليها، فالأحاديث الغرائب، والأفراد، والحسان، والفوائد، والمنتقاة، كلها عناوين دالة على مقصود المؤلفين بهذا النوع من المؤلفات، ناهيك عن كتب ألفت تحت مسميات أخر، وقصد بها التفرد.
ثم هذه المؤلفات منها ما هو كبير في مجلدات، ومنها ما هو متوسط، ومنها ما هو صغير الحجم على طريقة الأجزاء، وقد تقدم في أول هذا الباب أن الرواة تعارفوا على وضع كتب لهم باسم «الفوائد»، يضع فيه الراوي ما يراه غريبا من حديث شيوخه.
ثم لما اتسعت الرواية، وكثرت، اضطر الرواة حين يريدون السماع من شيخ معين أن ينتقوا من حديثه ما ليس عند غيره، فيفرد لوحده، ويسمعونه منه، وقد يفعلونه لكونه عسرا في الرواية، كما تقدم في الفصل الثالث، في قصة ابن المديني مع عبدالسلام بن حرب.