وأطال في النقول عن أئمة النقد، لكنه في نفس الكتاب الذي يحققه ذهب يقوي مارواه عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، ومنها حديث (البهيمة)، وهو أشد نكارة من حديث (اللواط)، ثم كلام أحمد، والبخاري، يدل على أن أحاديث هذه النسخة كلها مناكير ضعيفة.
ومما يظهر تناقض كثير من المتأخرين في هذه المسألة أنهم يدفعون استنكار النقاد لبعض ما يرويه الثقات ومن في حكمهم، وفي المقابل عضوا بالنواجذ على ما تقرر عند النقاد أن من أحاديث الضعفاء ما يترجح حفظهم له، معتمدين في ذلك كلام النقاد في كون ضعفهم غير شديد، فهم في درجة الاعتبار، على أن تطبيق المتأخرين لشروط اعتماد ترجيح حفظ الضعيف لما يرويه فيه خلل كبير جدا، كما سيأتي في موضعه.
ومن التناقض أيضا في قضية التفرد تسليم المتأخرين باشتراط رواية أكثر من راو عن الشخص لترتفع جهالته، فيكثرون من القول بأن هذا الشخص لم يرو عنه سوى راو واحد، وليس فيه توثيق معتبر، فهو مجهول، مع كون الراوي عنه ثقة، ولا يلتفتون لتفرد الراوي بالحديث، وكونه مظنة أن يخطئ فيه.
والخلاصة أن قضية (التفرد) وتشعباتها وقع من المتأخرين في تطبيقها تناقض ظاهر، ومع ذلك فلا بد من التسليم بأن المتكلمين على الأحاديث من المتأخرين لا يشعرون بالتناقض، في هذه المسألة وغيرها، فهم مخطئون معذورون.
وقد كنت -مثل كثيرين غيري- أظن أن مخالفة المتأخرين لمنهج أئمة النقد