الحق في خلافه مفقود أو شبه مفقود، وكثير من الباحثين يظن أن من ينبه على وجود خلل في منهج ما إنما يقصد أصحابه بالتنقص والعيب.
الثالث: الطريقة التي سلكها بعض من تصدى للتنبيه على الخلل الموجود في مسيرة الدراسات النقدية للسنة، فقد سلك بعضهم -وهذا مما يؤسف له- مسلكا اتسم بالعنف والحدة، والغمز واللمز، بل والتعيير أحيانا، حتى مع بعض الأئمة، وعدم التماس الأعذار، ولا شك أن لهذا ردة فعل غير محمودة، فرأينا ردودا ومناقشات بعيدة عن الأدب العلمي، ورأينا التنابز بالألقاب، وأنا أبرأ إلى الله تعالى من الفريقين، وأحاول بقدر الاستطاعة أن أنتظم في سلك فئة قليلة في عددها كثيرة -بحول الله- بعدتها، تنبه ولا تعنف، تعذر ولا تعير، ترجح ما تراه الصواب، ترى العلم حقا مشتركا للجميع، لا يملكه أحد، هدفها خير الأمة وصلاحها، نسأل الله تعالى أن يسدد الخطا، وأن يوفق للصواب.
وسأعود إلى التأكيد على الفرق بين المنهجين في مناسبات لاحقة في بقية فصول هذا الباب (الاختلاف) يظهر فيها التطبيق العملي لهذا الفرق، مع غرض آخر قصدته وهو تنبيه الباحث حين يسير على نهج أئمة النقد على أن يكون شديد الحذر والانتباه، فقد تزل قدمه في إحدى مراحل النظر في الاختلاف، فيعود مرة أخرى إلى منهج المتأخرين، من حيث يعلم أو من حيث لا يعلم، فيقضي على جهده كله، وهذا أمر بالغ الأهمية، فالمشوار طويل، والطريق وعرة.
وفي ختام هذا المبحث أود أن أشير إلى قضيتين مهمتين، الأولى: ليس من