وجواب السؤال: أما بالنسبة للناقد في عصر النقد، فهناك عدة عوامل تدخل في تحديد المدار، فقد يتحدد المدار بسؤال سائل عن مدار معين، هو موضع إشكال عند السائل، يريد أن يعرف رأي الناقد فيه، وهذا نراه في كتب العلل، والسؤالات، مثل «علل أحمد»، رواية عبدالله، ورواية المروذي، وغيرهما، و «سؤالات أبي داود لأحمد»، و «مسائل أحمد» لأبي داود، و «تاريخ الدوري عن ابن معين»، و «علل ابن أبي حاتم»، و «علل الدارقطني»، وغيرها.
وقد يكون الناقد يترجم في كتاب له لراو من الرواة، وقع عليه اختلاف في حديث معين، فيسوق الناقد هذا الاختلاف، أو يكون الراوي المترجم له قد خالف غيره في روايته لحديث عن شيخ له، فيسوق المؤلف هذا الاختلاف، وهذا نراه في تواريخ البخاري، وكتاب العقيلي، وابن عدي.
ويقع هذا لمؤلفي كتب الرواية، يسوق المؤلف حديثا بإسناد، ويكون قد وقع على بعض رواته اختلاف، فيتعرض له المؤلف، كالبخاري, ومسلم، وأبي داود، والنسائي، والترمذي، وغيرهم, ممن ألف على الموضوعات، أو على المسانيد، خاصة ما ألف على طريقة التعليل، مثل «مسند يعقوب بن شيبة»، و «مسند البزار».
ومن عوامل تحديد المدار عند النقاد كذلك أن يكون غرض الناقد من كتابه جمع الاختلافات الواردة على راو معين، في عموم حديثه، فيكون هو مداره، وغرضه منصب عليه، ومعرفة الراجح عنه، كما يفعل محمد بن يحيى الذهلي في كتابه «علل حديث الزهري»، وقد قال فيه الدارقطني: «من أحب أن ينظر ويعرف