المقصود هنا في هذه القرينة، وأما ما كان بسبب الراوي نفسه فقد تقدم في المبحث الأول، في القرائن الخاصة بالراوي المختلف عليه، وإنما نبهت على هذا هنا لدقة الفرق بين التصنيفين، وورودهما في كلام النقاد أحيانا دون تمييز.
فالناقد إذا وازن بين أصحاب راو في روايتهم لحديث اختلفوا فيه على شيخهم، والتصنيف الذي اتكأ عليه راجع إلى درجاتهم هم في شيخهم، فالاختلاف سببه في نظر هذا الناقد من التلاميذ أنفسهم، أما إذا كان التصنيف راجعا إلى حال الشيخ، فالناقد يحمله هو عهدة الاختلاف، والاضطراب منه.
وقد تقدم في المبحث الأول أمثلة لأحاديث كان الاختلاف فيها بسبب الشيخ، وتقدم في مبحثنا هذا أمثلة للنوع الآخر، غير أني أذكر هنا مثالا واحدا يتضح به الأمر، وهو حديث اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي، فأبو إسحاق للنقاد تصنيف لأصحابه المشهورين سببه أبو إسحاق نفسه، وتغير حفظه لما شاخ وكبر، حتى أن بعضهم وصفه بالاختلاط، وفي هذا المثال يتضح الفرق بين هذا النوع من التصنيف، وبين النوع الذي سببه التلاميذ.
قال ابن أبي حاتم:«سألت أبي عن حديث رواه شريك، وزهير، عن أبي إسحاق، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان يلبي: لبيك اللهم لبيك»، قال أبي: رواه سفيان، وأبو الأحوص، وإسرائيل، وغيرهم، ولم يرفعوه.